الطيبة و الضعف صفتان لا تجتمعان

9/1/20251 دقيقة قراءة

الطيبة و الضعف صفتان لا تجتمعان

الطيبة إذا اقترنت بالضعف، تنقلب ضد صاحبها. فمع كثرة الصدمات والخذلان، يتحول الإنسان من قلبٍ يسعى للخير إلى قلبٍ مُثخن بالجراح، يضطر أن يلبس قناع الشراسة ليحمي نفسه. إن الشرّ الذي نراه أحيانًا في الناس لم يولد شرًا خالصًا، بل كان طيبةً مكسورة، ووداعةً جُعلت موطئًا لأقدام الآخرين حتى لم يبقَ لها ملجأ سوى القسوة.

غير أن الطيبة حين تُدعّم بالقوة، تصبح جوهرة نادرة. فهي تمنح الإنسان رحمةً من غير ضعف، وصلابةً من غير قسوة. حينها يعرف كيف يضع خطوطًا حمراء لا يتجاوزها أحد، وكيف يفتح قلبه في الوقت نفسه لمن يستحق. فيجمع بين اليد التي تُمسك بالميزان واليد التي تُربّت على الكتف.

فالطيبة ليست أن تُرضي الجميع، وليست أن تُسقط نفسك لتُبقي الآخرين واقفين. الطيبة الحقيقية أن تُضيء قلبك أوّلًا، ثم تُضيء قلوب من حولك ممّن يُقدّرون النور ولا يطفئونه. فهي ليست تنازلًا عن كرامة، ولا ضعفًا أمام جفاء، بل هي عطاءٌ موزون، ورحمةٌ واعية، وقوةٌ تُحسن أن تفتح وأن تُغلق في الوقت المناسب.